" من بدأ الثورة في سوريا " .... وقفات معها - عبدالرحمن الصالح

إخوتي الأعزاء لقد كثر الحديث والاختلاف في مواقع الثورة حول : من بدأ الثورة ومن أشعلها ومن ومن ومن .....، و هل بدأت من درعا لوحدها أم من دمشق أم وأم ...الخ ، وكنت أظن أن الخلاف حوله انتهى ولكني قرأت اليوم مقالا في أحد مواقع الثورة يغذي هذا الموضوع وينفخ فيه ويعيده من جديد ويحتكر الفضل والحقيقة لمدينته دون إنصاف للآخرين .
وبحكم أنني من مدينة حمص فلن يكون كلامي انحيازاً لهذه المدينة أو الأخرى، وعليه أقول للأخوة الكرام التالي :
الكل يعرف أن الثورة بدأت في 15/3 ، والكل يعرف أن أهل درعا كانوا وقودها وأحد أسباب اشتعالها وقدموا في البداية من أجلها الكثير ، كما أن غيرهم من المدن شاركتهم في ذلك سواءً قبلهم أوبعدهم لن نختلف في ذلك ، وسواءً بدأت الثورة من دمشق أو درعا أو بانياس أو من غيرها فهذا ليس مهماً وليس بذي بال ، ولكن المهم أحبتي الكرام أن لا تختلف قلوبنا أولا ، ثم أن تستمر هذه الثورة ثانياً .


والله ليس من مصلحة الثورة إثارة النعرات المناطقية واحتكار الفضل أو إهماله لمنطقة دون أخرى ، فإن الثورة في أولها والنظام مازال قوياً مجرماً متجبراً ، وإنه يستفيد من خلافنا وتناحرنا بل إنه يزيده ويغذيه ، ونحن أحبتي مازلنا في المحنة والبلاء فترفعوا عن هذه الصغائر التي قد تجعلنا نقع في الكبائر ، فتتناحر قلوبنا وتختلف صفوفنا لا سمح الله .
فإذا لم يُنسب المجد والثناء والفضل لمنطقة معينةٍ ونسيَ أو تناسى الناس ذلك فلنحتسب أجرنا عند الله الذي يعلم حقيقة ما حصل ، ولنسأل الله أن يتقبل أعمالنا ويصلح نياتنا وينصر ثورتنا ، وإذا خرجت من أخ لنا كلمة بحسن نية أو من غير قصد فلنحسن الظن به ولنحملها على أحسن الوجوه .

لقد كان الصحابة المهاجرون من مكة المكرمة أول المؤمنين بالإسلام وتحملوا التعذيب والقتل من كفار مكة الكثير والكثير.. ، وكان الأنصار من أهل المدينة أولَِّ من احتضنهم واستقبلهم في المدينة المنورة وقاسموهم أموالهم وبساتيناهم وحتى نسائهم ، فلم يمنَّ المهاجرون على الأنصار يوماً أنهم أولَ من آمنَ وتعذبَ وتحمل الأذى ، وكذلك لم يمنَّ الأنصار على المهاجرين ما أكرموهم به من تقاسم الأموال والزروع و الأزواج .
ولم تنقل لنا كتب السير أن أحدهم عيرَ أو منَّ على الآخر ما قدمه لأخيه من معروف أو سبق للإيمان ، فقد كانوا يحتسبون معروفهم وسبقهم لوجه الله عز وجل ، حتى أنزل الله قرآنا يبين إيمان المهاجرين وسبقهم ، ويبين فضل الأنصار وكرمهم وطيب نفوسهم وسخائهم، وذلك في آيات كريمات مدحهما جميعاً لتكون مفخرة لهم إلى قيام الساعة في فضلهم وإيمانهم واحتسابهم ما عند الله، " سورة الحشر آية 8+9 ".

فإذا كان عقلاء الثورة وفضلائها وكتابها تناحروا واختلفوا على المواقع والمنتديات فماذا سيكون من صغار العقول الذين تناقلوا قولهم وأصبح التناحر والتفاخر حديث بعض المجالس المنتديات , كل منهم يريد أن يدلل على قوله وادعائه أن مدينته هي من بدأ الثورة .... ؟؟

والغريب أني وجدت قولا لأحد الأخوة التونسيين يفتخر أنهم هم من بدأ الثورات كلها وعلموا الشعوب العربية ذلك ، ثم قرأت تعليقاً لمصري يقول أيضا إن مصر هي من أشعلت الثورة بعد تونس، لأنها أكبر الدول العربية وهي قدوة لهم .... ، وهكذا كلٌ ينسب الفضل له ولمنطقته ودولته ، ولن ينتهي هذا إذا تمادينا وتماهينا مع هذه المقولات .
أخيراً : أحبتي الكرام إننا نرجوا من كبار القوم وعقلاء الناس أن يكونوا القدوة للآخرين في تصفية قلوب صغار العقول من هذه النعرة التي لا تنفع ولن تنفع الثورة شيئا .