رسالة إلى السيد معاذ الخطيب

د معتز محمد زين .. عن موقع أخبار الشرق

رسالة إلى السيد معاذ الخطيب



الأستاذ معاذ الخطيب المحترم .. السلام عليكم رحمة الله تعالى وبركاته .. وبعد :

سادت أجواء من التفاؤل لدى شريحة واسعة من داعمي الثورة السورية عند انتخابك رئيسا للائتلاف الوطني السوري وأعتقد أن مرد هذا التفاؤل يعود إلى موقفك المبكر الداعم للثورة السورية ، وإلى مرجعيتك الدينية ( ومعلوم قوة حضور الدين في وجدان الشعب السوري ) ، إضافة إلى خلق رفيع وعشرة حسنة يشعر بها كل من يحتك بك أو يتواصل معك ..

ومع أنني لا أخفي إعجابي الشخصي بك كانسان ، إلا أنني أعتقد أن كل الصفات التي ذكرتها سابقا لم تكن لوحدها كافية أو مؤهلة لإدارة العملية السياسية في مسألة معقدة جدا كالمسألة السورية اليوم .. وتنبع الصعوبة في التعامل مع المسألة السورية من مستويين متشابكين ومتداخلين ويشكل كل منهما متاهة تحتاج إلى حنكة شديدة للخروج منها ..

المستوى الأول يتعلق بالتركيبة الداخلية المتنوعة للشعب السوري بقومياتها وأديانها ومذاهبها واتجاهاتها الثقافية والسياسية والايديولوجية ، وما يترتب على ذلك من اختلاف رؤيتها لطريقة وربما لضرورة إسقاط هذا النظام وإنهاء الأزمة .. والمستوى الثاني يتعلق بالموقع الجيوسياسي لسوريا والذي جعل منها ساحة للصراع والتنافس وتمرير المشاريع لمعظم القوى الإقليمية والدولية الفاعلة ..

وبرأي الشخصي ، فإنه من الواجب على من يتصدر لفك رموز هذه المتاهة في هذه المرحلة الحساسة من الثورة السورية أن يتمتع بخصلتين لا بد منهما ..

الأولى : حنكة سياسية تؤهله لفتح الأبواب الموصدة وإجراء المناورات وترتيب الأولويات والوصول إلى مراكز القوة والتأثير على مصادر القرار .... الخ ..

الثانية : أن يمتلك من عوامل القوة المادية على الأرض ما يكفي ليشكل رافعة لقراره السياسي .. فالسياسة اليوم بلا أخلاق ، ولا تقيم أي اعتبار للقيم أو الحقوق أو العدالة .. لا تتحرك الدول الفاعلة اليوم استجابة لمأساة شعب وإنما تتحرك تحقيقا لمصالحها أو رضوخا لضغوطات تهدد وجودها أو مصالحها .. وعليه فإنه لا قرار لمن لا قوة لديه ، وإن الدم هو مداد القلم الذي ستوقع به على أي اتفاقية سياسية ، وإن صوت المدافع والقذائف هي التي توصل صوتك لآذانهم الصماء ، وإن الثورة المسلحة هي التي تمهد الطريق للسياسة الناجحة ..

أما الخبرة السياسية فتكتسب بالتدريج من خلال الممارسة اليومية والمستمرة للعمل السياسي ومزيد من الاطلاع على فنون السياسة ..

وأما امتلاك القوة فهو بالتحديد ما دعاني لكتابة هذه السطور ..

أتمنى عليك يا أستاذ معاذ أن تكلف أحد أو بعض مساعديك في الائتلاف بتحمل أعباء الحراك السياسي الخارجي ، وأن تتجه فورا بصفتك الرسمية كرئيس للائتلاف الوطني السوري إلى داخل سوريا عبر المنافذ التي يسيطر عليها الثوار ، وأن تعمل من خلال الزخم الإعلامي الذي اكتسبته بصفتك رئيسا للائتلاف ومن خلال مرجعيتك الدينية المعتدلة ومن خلال صفاتك الشخصية المحببة للقلوب ، على تشكيل قاعدة واسعة للائتلاف من الثوار ، عبر التواصل مع قيادات المجموعات المسلحة وبذل كل الجهد لتنظيم أكبر عدد ممكن من الثوار في جيش موحد له قيادة عسكرية موحدة تشكل الجناح العسكري الفعلي للائتلاف الوطني السوري ، وأن تقوم ببعض المناورات الإعلامية التي تؤكد من خلالها للجميع انضواء هؤلاء الثوار تحت قيادة الائتلاف السياسية كأن تعلن عن توقف إطلاق النار في منطقة محددة لفترة محددة فينفذها الثوار .. عندها .. وعندها فقط يمكنك أن تضرب على الطاولة وتفرض شروطك على اللئام الذين يستخدمون الدم السوري وقودا لمشاريعهم ..

لقد سمعتك يا أستاذ معاذ منذ أيام في مؤتمر ميونيخ وأنت تتكلم عن الخطوات التدريجية التي تنوي القيام بها ، وكانت معظمها تبدأ ب ..... سنطالب ....... وقلت في نفسي ، ولكن ما هي الأدوات التي يمتلكها الائتلاف أو الأستاذ معاذ لإقناع هذه الدول بضرورة تنفيذ تلك المطالب ؟؟؟؟؟؟ هل تعتقد أن عمق المأساة التي يعانيها السوريين اليوم بكل أبعادها كافية لتحريك تلك الدول لوضع حد لهذا النظام الغادر ؟؟؟؟؟.. بالطبع لا .. فالجرائم التي تعرض لها الشعب السوري كافية لإيقاظ أهل الكهف ، فكيف لا توقظ ضمائر السياسيين في تلك الدول .. الجواب واضح .. لا يوجد في السياسة أصلا شيئا يسمى ضمير .. فضمير السياسة مصلحتها .. وسرعة إنهاء أزمة مالي دليل واضح على ذلك ..

من أجل ذلك علينا أن نحرك مصالحهم لا ضمائرهم ، وتحريك المصالح غير ممكن دون تهديدها ولو بشكل مبطن ، وتهديدها مستحيل بدون قوة ضاربة على الأرض .. فسارع إلى امتلاكها يرحمك الله .

كلام رائع ولكن ما في شي سهل